نام کتاب : زاد المسير في علم التفسير نویسنده : ابن الجوزي جلد : 4 صفحه : 10
قوله تعالى: أَمَّنْ هُوَ قانِتٌ قرأ ابن كثير، ونافع، وحمزة، وأبو جعفر، والمفضل عن عاصم، وزيد عن يعقوب: «أَمَنْ» بالتخفيف وقرأ الباقون: بالتشديد. فأما المشدَّدة، فمعناها: أهذا الذي ذَكَرْنا خيرٌ، أمَّن هو قانتٌ؟ والأصل في «أمَّن» : أَمْ مَنْ، فأدغمت الميم في الميم. وأما المخفَّفة، ففي تقديرها ثلاثة أوجه: أحدها: أنها بمعنى النداء. قال الفراء: فسَّرها الذين قرءوا بها فقالوا: يا من هو قانتٌ، وهو وجه حسن، والعرب تدعو بالألف كما تدعو بياء، فيقولون: يا زيد أقبل، و: أزيد أَقْبِل، فيكون المعنى: أنه ذَكَر النّاسيَ الكافرَ، ثمَ قصَّ قِصِّةَ الصّالح بالنِّداء، كما تقول: فلان لا يصوم ولا يصلّي، فيا من يصوم أبْشِرْ. والثاني: أن تقديرها: أمَّن هو قانت كمن ليس بقانت؟! والثالث: أمَّن هو قانت كمن جعل لله أنداداً؟! وقد ذكرنا معنى القنوت في سورة البقرة [1] ومعنى آناءَ اللَّيْلِ في آل عمران [2] .
قوله تعالى: ساجِداً وَقائِماً يعني في الصلاة. وفيمن نزلت فيه هذه الآية خمسة أقوال [3] :
أحدها: أنه أبو بكر الصِّدِّيق، رواه عطاء عن ابن عباس. والثاني: عثمان بن عفان، قاله ابن عمر.
والثالث: عمّار بن ياسر، قاله مقاتل. والرابع: ابن مسعود، وعمّار، وصُهَيب، وأبو ذَرّ، قاله ابن السائب. والخامس: أنه رسول الله- صلّى الله عليه وسلّم، حكاه يحيى بن سلام. قوله تعالى: يَحْذَرُ الْآخِرَةَ أي:
عذاب الآخرة. وقد قرأ ابن مسعود، وأُبيُّ بن كعب، وابن عباس، وعروة، وسعيد بن جبير، وأبو رجاء، وأبو عمران: «يحذر عذاب الآخرة» بزيادة «عذاب» . وَيَرْجُوا رَحْمَةَ رَبِّهِ فيها قولان: أحدهما:
أنها المغفرة، قاله ابن السائب. والثاني: الجنة، قاله مقاتل.
قوله تعالى: قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ أنَّ ما وعدَ اللهُ من الثواب والعقاب حَقٌّ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ. وباقي الآية قد تقدم في الرعد [4] ، وكذلك قوله: لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هذِهِ الدُّنْيا حَسَنَةٌ قد تقدم في النحل [5] . وفي قوله: وَأَرْضُ اللَّهِ واسِعَةٌ قولان: أحدهما: أنه حَثٌّ لهم على الهِجرة من مكَّة إِلى حيث يأمنون. والثاني: أنها أرض الجَنَّة رغَّبهم فيها. إِنَّما يُوَفَّى الصَّابِرُونَ الذين صبروا لأجل الله تعالى على ما نالهم بِغَيْرِ حِسابٍ أي: يُعْطَون عطاءً كثيراً أوسعَ من أن يُحْسَب وأعظمَ من أن يُحاطَ به، لا على قدر أعمالهم.